لنتأمل في هذا الحديث العظيم في الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفع الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم » رواه البخاري. ولقد جاء التأكيد العظيم على حفظ اللسان { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وأيضا جاءت تلك الوصية العظيمة « يا معاذ كف عنك هذا وأخذ بلسانه.. وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم » رواه الترمذي .
ولخطورة هذا الأمر وعظمه فقد ضرب الصحابة الكرام أروع الأمثلة في حفظهم لألسنتهم: فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يمسك بلسانه ويقول: إن هذا أوردني الموارد . رواه مالك، وقال ابن بريده: رأيت ابن عباس آخذا بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيرا تغنم أو اسكت عن سوء تسلم وإلا فاعلم أنك ستندم قال: فقيل له: يا ابن عباس لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان ـ أراه قال ـ ليس علي شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا يوم القيامة منه على لسانه إلا ما قال به خيرا أو أملى به خيرا، وكان ابن مسعود يحلف بالله الذي لا اله إلا هو: ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.